فصل: قال الماوردي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قوله تعالى: {أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا في أَنفُسهمْ}.
لما صدر من الكفار الإنكار بالله عند إنكار وعد الله وعدم الخلف فيه كما قال تعالى: {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 187] والإنكار بالحشر كما قال تعالى: {وَهُمْ عَن الآخرة هُمْ غافلون} [الروم: 7] بين أن الغفلة وعدم العلم منهم بتقدير الله وإلا فأسباب التذكر حاصلة وهو أن أنفسهم لو تفكروا فيها لعلموا وحدانية الله وصدقوا بالحشر، أما الوحدانية فلأن الله خلقهم على أحسن تقويم، ولنذكر من حسن خلقهم جزأ من ألف ألف جزء وهو أن الله تعالى خلق للإنسان معدة فيها ينهضم غذاؤه لتقوى به أعضاؤه ولها منفذان أحدهما لدخول الطعام فيه، والآخر لخروج الطعام منه، فإذا دخل الطعام فيها انطبق المنفذ الآخر بعضه على بعض بحيث لا يخرج منه ذرة ولا بالرشح، وتمسكه الماسكة إلى أن ينضج نضجًا صالحًا، ثم يخرج من المنفذ الآخر، وخلق تحت المعدة عروقًا دقاقًا صلابًا كالمصفاة التي يصفى بها الشيء فينزل منها الصافي إلى الكبد وينصب الثفل إلى معى مخلوق تحت المعدة مستقيم متوجهًا إلى الخروج، وما يدخل في الكبد من العروق المذكورة يسمى الماساريقا بالعبرية، والعبرية عربية مفسودة في الأكثر، يقال لموسى ميشا وللاله إيل إلى غير ذلك، فالماساريقا معناها ماساريق اشتمل عليه الكبد وأنضجه نضجًا آخر، ويكون مع الغذاء المتوجه من المعدة إلى الكبد فضل ماء مشروب ليرقق وينذرق في العروق الدقاق المذكورة، وفي الكبد يستغني عن ذلك الماء فيتميز عنه ذلك الماء وينصب من جانب حدبة الكبد إلى الكلية ومعه دم يسير تغتذي به الكلية وغيرها، ويخرج الدم الخالص من الكبد في عرق كبير، ثم يتشعب ذلك النهر إلى جداول، والجداول إلى سواق، والسواقي إلى رواضع ويصل فيها إلى جميع البدن، فهذه حكمة واحدة في خلق الإنسان، وهذه كفاية في معرفة كون الله فاعلًا مختارًا قادرًا كاملًا عالمًا شاملًا علمه، ومن يكون كذلك يكون واحدًا وإلا لكان عاجزًا عند إرادة شريكه ضد ما أراده.
وأما دلالة الإنسان على الحشر فذلك لأنه إذا تفكر في نفسه يرى قواه صائرة إلى الزوال، وأجزاءه مائلة إلى الانحلال فله فناء ضروري، فلو لم يكن له حياة أخرى لكان خلقه على هذا الوجه للفناء عبثًا، وإليه أشار بقوله: {أَفَحَسبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثًا} [المؤمنون: 115] وهذا ظاهر، لأن من يفعل شيئًا للعبث فلو بالغ في إحكامه وإتقانه يضحك منه، فإذا خلقه للبقاء ولا بقاء دون اللقاء فالآخرة لابد منها، ثم إنه تعالى ذكر بعد دليل الأنفس دليل الآفاق فقال: {مَّا خَلَقَ الله السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إلاَّ بالحق وَأَجَلٍ مُّسَمًّى} فقوله: {إلاَّ بالحق} إشارة إلى وجه دلالتها على الوحدانية، وقد بينا ذلك في قوله: {خَلَقَ الله السموات والأرض بالحق إنَّ في ذَلكَ لآيَةً للْمُؤْمنينَ} [العنكبوت: 44] ونعيده فإن التكرير في الذهن يفيد التقرير لذي الذهن، فنقول إذا كان بالحق لا يكون فيها بطلان فلا يكون فيها فساد لأن كل فاسد باطل وإذا لم يكن فيها فساد لا تكون آلهة وإلا لكان فيها فساد كما قال تعالى: {لَوْ كَانَ فيهمَا آلهَةٌ إلاَّ الله لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] وقوله: {وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} يذكر بالأصل الآخر الذي أنكروه.
ثم قال تعالى: {وَإنَّ كَثيرًا مّنَ الناس بلقَاء رَبّهمْ لكافرون} يعني لا يعلمون أنه لابد بعد هذه الحياة من لقاء وبقاء إما في إسعاد أو شقاء، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى:
قدم هاهنا دلائل الأنفس على دلائل الآفاق، وفي قوله تعالى: {سَنُريهمْ ءاياتنا في الآفاق وَفى أَنفُسهمْ} [فصلت: 53] قدم دلائل الآفاق، وذلك لأن المفيد إذا أفاد فائدة يذكرها على وجه جيد يختاره فإن فهمه السامع المستفيد فذلك وإلا يذكرها على وجه أبين منه وينزل درجة فدرجة، وأما المستفيد فإنه يفهم أولًا الأبين، ثم يرتقي إلى فهم ذلك الأخفى الذي لم يكن فهمه فيفهمه بعد فهم الأبين المذكور آخرًا، فالمذكور من المفيد آخرًا مفهوم عند السامع أولًا، إذا علم هذا فنقول هاهنا الفعل كان منسوبًا إلى السامع حيث قال: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في أَنفُسهمْ} يعني فيما فهموه أولًا ولم يرتقوا إلى ما فهموه ثانيًا، وأما في قوله: {سَنُريهمْ} الأمر منسوب إلى المفيد المسمع فذكر أولًا: الآفاق فإن لم يفهموه فالأنفس لأن دلائل الأنفس لا ذهول للإنسان عنها، وهذا الترتيب مراعى في قوله تعالى: {الذين يَذْكُرُونَ الله قياما وَقُعُودًا وعلى جُنُوبهمْ} [آل عمران: 191] أي يعلمون الله بدلائل الأنفس في سائر الأحوال {وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلْق السموات والأرض} بدلائل الآفاق.
المسألة الثانية:
وجه دلالة الخلق بالحق على الوحدانية ظاهر، وأما وجه دلالته على الحشر فكيف هو؟ فنقول وقوع تخريب السموات وعدمها لا يعلم بالعقل إلا إمكانه، وأما وقوعه فلا يعلم إلا بالسمع، لأن الله قادر على إبقاء الحادث أبدًا كما أنه يبقى الجنة والنار بعد إحداثهما أبدًا، والخلق دليل إمكان العدم، لأن المخلوق لم يجب له القدم فجاز عليه العدم، فإذا أخبر الصادق عن أمر له إمكان وجب على العاقل التصديق والإذعان، ولأن العالم لما كان خلقه بالحق فينبغي أن يكون بعد هذه الحياة حياة أخرى باقية لأن هذه الحياة ليست إلا لعبًا ولهوًا كما بين بقوله تعالى: {وَمَا هذه الحياة الدنيا إلاَّ لَهْوٌ وَلَعبٌ} [العنبكوت: 64] وخلق السموات والأرض للهو واللعب عبث، والعبث ليس بحق وخلق السموات والأرض بالحق فلابد من حياة بعد هذه.
المسألة الثالثة:
قال ههنا: {كَثيرًا مّنَ الناس} وقال من قبل:
{ولكن أَكْثَرَ الناس} [الروم: 6] وذلك لأنه من قيل لم يذكر دليلًا على الأصلين، وههنا قد ذكر الدلائل الواضحة والبراهين اللائحة ولا شك في أن الإيمان بعد الدليل أكثر من الإيمان قبل الدليل، فبعد الدلائل لابد من أن يؤمن من ذلك الأكثر جمع فلا يبقى الأكثر كما هو، فقال بعد إقامة الدليل {وَإنَّ كَثيرًا} وقبله {ولكن أَكْثَرَهُمْ} ثم بعد الدليل الذي لا يمكن الذهول عنه، والدليل الذي لا يقع الذهول عنه وإن إمكن هو السموات والأرض لأن من البعيد أن يذهل الإنسان عن السماء التي فوقه والأرض التي تحته، ذكر ما يقع الذهول عنه وهو أمر أمثالهم وحكاية أشكالهم.
{أَوَلَمْ يَسيرُوا في الْأَرْض فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقبَةُ الَّذينَ منْ قَبْلهمْ}.
وقال في الدليلين المتقدمين: {أَوَلَمْ يَرَوْا} [العنكبوت: 19، 67] ولم يقل: {أَوَلَمْ يَسيرُوا} إذ لا حاجة هناك إلى السير بحضور النفس والسماء والأرض وقال ههنا: {أَوَلَمْ يَسيرُوا} {فَيَنظُرُوا} ذكرهم بحال أمثالهم ووبال أشكالهم، ثم ذكر أنهم أولى بالهلاك لأن من تقدم من عاد وثمود كانوا أشد منهم قوة ولم تنفعهم قواهم وكانوا أكثر مالًا وعمارة، ولم يمنع عنهم الهلاك أموالهم وحصونهم، واعلم أن اعتماد الإنسان على ثلاثة أشياء قوة جسمية فيه أو في أعوانه إذ بها المباشرة وقوة مالية إذ بها التأهب للمباشرة، وقوة ظهرية يستند إليها عند الضعف والفتور وهي بالحصون والعمائر، فقال تعالى: كانوا أشد منهم قوة في الجسم وأكثر منهم مالًا لأنهم أثاروا الأرض أي حرثوها، ومنه بقرة تثير الأرض، وقيل منه سمي ثورًا، وأنتم لا حراثة لكم فأموالهم كانت أكثر، وعمارتهم كانت أكثر لأن أبنيتهم كانت رفيعة وحصونهم منيعة، وعمارة أهل مكة كانت يسيرة ثم هؤلاء جاءتهم رسلهم بالبينات وأمروهم ونهوهم، فلما كذبوا أهلكوا فكيف أنتم، وقوله: {فَمَا كَانَ الله ليَظْلمَهُمْ} يعني لم يظلمهم بالتكليف، فإن التكليف شريف لا يؤثر له إلا محل شريف ولكن هم ظلموا أنفسهم بوضعها في موضع خسيس، وهو عبادة الأصنام واتباع إبليس، فكأن الله بالتكليف وضعهم فيما خلقوا له وهو الربح، لأنه تعالى قال خلقتكم لتربحوا علي لا لأربح عليكم، والوضع في أي موضع كان الخلق له ليس بظلم، وأما هم فوضعوا أنفسهم في مواضع الخسران ولم يكونوا خلقوا إلا للربح فهم كانوا ظالمين، وهذا الكلام منا وإن كان في الظاهر يشبه كلام المعتزلة لكن العاقل يعلم كيف يقوله أهل السنة، وهو أن هذا الوضع كان بمشيئة الله وإرادته، لكنه كان منهم ومضافًا إليهم.
{ثُمَّ كَانَ عَاقبَةَ الَّذينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بآيَات اللَّه وَكَانُوا بهَا يَسْتَهْزئُونَ (10)}.
كما قال: {لّلَّذينَ أَحْسَنُوا الحسنى} [يونس: 26] وقوله تعالى: {أَن كَذَّبُوا} قيل معناه بأن كذبوا أي كان عاقبتهم ذلك بسبب أنهم كذبوا، وقيل معناه أساءوا وكذبوا فكذبوا يكون تفسيرًا لأساؤا وفي هذه الآية لطائف إحداها: قال في حق الذين أحسنوا: {لّلَّذينَ أَحْسَنُوا الحسنى} وقال في حق من أساء: {ثُمَّ كَانَ عاقبة الذين أساؤا السوآى} إشارة إلى أن الجنة لهم من ابتداء الأمر فإن الحسنى اسم الجنة والسوآى اسم النار، فإذا كانت الجنة لهم ومن الابتداء، ومن له شيء كلما يزداد وينمو فيه فهو له، لأن ملك الأصل يوجب ملك الثمرة، فالجنة من حيث خلقت تربو وتنمو للمحسنين، وأما الذين أساؤا، فالسوآى وهي جهنم في العاقبة مصيرهم إليها الثانية: ذكر الزيادة في حق المحسن ولم يذكر الزيادة في حق المسيء لأن جزاء سيئة سيئة مثلها الثالثة: لم يذكر في المحسن أن له الحسنى بأنه صدق، وذكر في المسيىء أن له السوأى بأنه كذب، لأن الحسنى للمحسنين فضل والمتفضل لو لم يكن تفضله لسبب يكون أبلغ، وأما السوآى للمسيىء عدل والعادل إذا لم يكن تعذيبه لسبب لا يكون عدلًا فذكر السبب في التعذيب وهو الإصرار على التكذيب، ولم يذكر السبب في الثواب. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في أَنفُسهم مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوات وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إلاَّ بالْحَقّ}.
يحتمل أربعة أوجه:
أحدها: بالعدل.
الثاني: بالحكمة.
الثالث: إلا ما استحق عليهم الطاعة والشكر.
والرابع: قاله الفراء، معناه إلا للحق يعني الثواب والعقاب.
{وَأَجَل مُّسَمًّى} فيه وجهان:
أحدهما: قيام الساعة، قاله ابن عباس.
الثاني: وهو محتمل أنه أجل كل مخلوق على ما قدر له.
فدل ذل على أمرين:
أحدهما: دل به على الفناء وعلى أن لكل مخلوق أجلًا.
الثاني: نبه على ثواب المحسن وعقاب المسيء.
قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقبَةُ الَّذينَ أَسَاءُوا} قال ابن عباس: كفروا.
{السُّوأَى} فيه وجهان:
أحدهما: جهنم، قاله السدي.
الثاني: العذاب في الدنيا والآخرة، قاله الحسن.
وفي الفرق بين الإساءة والسوء وجهان:
أحدهما: أن الإساءة إنفاق العمر في الباطل، والسوء إنفاق رزقه في المعاصي.
الثاني: أن الإساءَة فعل المسيء والسوء الفعل مما يسوء.
{أَن كَذَّبُوا} لأن كذبوا.
{بئَايَات اللَّه} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، قاله الكلبي.
الثاني: بالعذاب أن ينزل بهم، قاله مقاتل.
الثالث: بمعجزات الرسل، قاله الضحاك.
{وَكَانُوا بهَا يَسْتَهْزءُونَ} أي بالآيات. اهـ.

.قال ابن عطية:

ثم وقفهم على جهة التوبيخ على أنهم قد فكروا فلم تنفعهم الفكرة والنظر إذ لم يكن على سداد، وقوله تعالى: {في أنفسهم} يحتمل معنيين: أحدهما أن تكون الفكرة في ذواتهم وحواسهم وخلقتهم ليستدلوا بذلك على الخالق المخترع، ثم أخبر عقب هذا المعنى بأن الحق هو السبب في خلق السماوات والأرض. فيفهم على طريقة الإيجاز والاختصار أن من فكر في نفسه علم حقيقة هذا الخبر ووقف عليه ببصيرة نفسه، والمعنى الثاني أن تكون النفس ظرفًا للفكرة في خلق السماوات والأرض فيكون قوله: {في أنفسهم} تأكيدًا لقوله: {يتفكروا} كما تقول انظر بعينك واسمع بأذنك، فقولك بأذنك تأكيد، وقوله: {إلا بالحق} أي بسبب المنافع التي هي حق واجب يريد من الدلالة عليه والعبادة له دون فتور، والانتصاب للعبرة ومنافع الأرزاق وغير ذلك، {وأجل} عطف على {الحق} أي وبأجلٍ مسمى وهو يوم القيامة، ففي الآية إشارة إلى البعث والنشور وفساد بنية من في هذا العالم، ثم أخبر عن كثير من الناس أنهم كفرة بذلك المعنى فعبر عنه {بلقاء} الله لأن لقاء الله هو عظم الأمر وفيه النجاة أو الهلكة.
{أَوَلَمْ يَسيرُوا في الْأَرْض فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقبَةُ الَّذينَ منْ قَبْلهمْ}.
هذا أيضًا توقيف وتوبيخ على أنهم ساروا ونظروا، أي إن ذلك لم ينفعهم حين لم يعملوا بحسب العبرة وخوف العاقبة.
قال القاضي أبو محمد: ولا يتوجه للكفرة أن يعارض منهم من لم يسر فيقول لم أسر لأن كافة من سار من الناس قد نقلت إلى من لم يسر فاستوت المعرفة وحصل اليقين للكل، وقامت الحجة، وهذا بين، وقوله تعالى: {وأثاروا الأرض} يري بالمباني والحرث الحروب، وسائر الحوادث التي أحدثوها هي كلها إثارة للأرض بعضها حقيقة بعضها تجوز لأن إثارة أهل الأرض والحيوان المتاع، إثارة للأرض، وقرأ أبو جعفر {وآثاروا} بمد الهمزة قال ابن مجاهد: ليس هذا بشيء، قال أبو الفتح: وجهها أنه أشبع فتحة الهمزة فنشأت ألف ونحوه قول ابن هرمة: الوافر:
فأنت من الغوائل حين ترمى ** ومن ذم الرجال بمنتزاح

قال وهذا من ضرورة الشعر لا يجيء في القرآن وقرأ أبو حيوة {وآثروا الأرض} بالمد بغير ألف بعد الثاء من الأثرة، والضمير في {عمروها} الأول للماضين والثاني للحاضرين والمعاصرين، وباقي الآية بين يتضمن الوعد والتخويف من عدل الله تعالى.
{ثُمَّ كَانَ عَاقبَةَ الَّذينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بآيَات اللَّه وَكَانُوا بهَا يَسْتَهْزئُونَ (10)}.
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {عاقبةُ} بالرفع على اسم {كان} والخبر يجوز أن يكون {السوأى} ويجوز أن يكون {أن كذبوا} وتكون {السوأى} على هذا مفعولًا ب {أساءوا} وإذا كان {السوأى} خبرًا ف {أن كذبوا} مفعول من أجله ولا يصح تعلقه ب {أساءوا} لأن في ذلك فصلًا بين الصلة والموصول بخبر {كان} وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي {عاقبةَ} بالنصب على أنها خبر مقدم واسم {كان} أحد ما تقدم، و{السوأى} مصدر كالرجعى والفتيا والشورى، ويجوز أن تكون صفة لمذوف تقديره الخلة السوأى أو الخلال السوأى قال أبو حاتم هذه قراءة العامة بالمد على الواو وفتح الهمزة وياء التأنيث فبعض القراء فخم وبعضهم أمال، وقرأ الحسن {السوّى} بشد الواو دون همز، وقرأ الأعمش وابن مسعود {السوء} بالتذكير، وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: {السوء} و{السوأى} اقرأ بما شئت، قال ابن عباس {أساءوا} هنا بمعى كفروا و{السوأى} هي النار والتكذيب {بآيات الله} تعالى غير الاستهزاء بها فلذلك عدد عليهم الفعلين. اهـ.